يعتقد الكثيرون ممن راقبوا المؤتمر العام السادس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ان لهذا المؤتمر سلبيات ونواقص جمة وعليه الكثير الكثير من الإعتلالات والفجوات والترهات والإشكاليات والتناقضات و اللا منطقية التي ستظهر نتائجها في الأيام القليلة المقبلة وعلى أنني اتفق مع الكثير منهم على أن النتائج لن تكن إلا سلبية ، لكن ومن منظور تفاءلوا بالخير تجدوه فإنني أتمنى أن تكون المرحلة المقبلة قادرة على جعل هذه السلبيات ايجابية تتفجر عنها نسف الواقع الحالي للحركة العملاقة وعلى جميع مستوياتها.
على أنني لم أتابع أبدا فعاليات هذا المؤتمر ولم استمع لخطاب السيد الرئيس محمود عباس أبو مازن الذي تغنى وغرد وزغرد في افتتاحيته ولم أتابع عملية الانتخابات إلا في اللحظة الأخيرة عند ظهور الأسماء الحقيقة لتشكيل المركزية والتي بعثرت و ثم إعادة فرزها وتم بعد ذلك قولبتها بالديمقراطية المغموسة بالوصولية والمنافع التي تعودنا عليها ليصل من يجب أن تناط إليه المهام الجسام إلى المنصب المناسب .
ولكي أكون راضيا عن هذا المؤتمر و اكون ذو مصداقية على الأقل أمام نفسي سأنضم إلى الجمهور الذي تحدث عنه السيد ايمن اللبدي لأكون مع الذين وحدوا أصواتهم وقالوا أن ما حصل لأكثر من 10 أيام هو مزيج من الهراء والعبث واللامنطق علاوة على عدم الكفاءة التي حملها السيد القائد العام للحركة منذ الوهلة الأولى لهذه الأمسيات الجميلة
قد يستهجن البعض لماذا اسميها أمسيات في الحقيقة خلصت لهذه التسمية بعد أن أعدت قراءة الأبيات الشعرية التي تلاها رئيس السلطة في افتتاحية المؤتمر والتي تغنى فيها بالحركة بكل ما استطاع من صف جمل ومفردات للحرية والنصر والتاصر والنجاح وبعد ان قرأت قصيدة "فتح تتحدث عن نفسها"، في 12/8 امتدح فيها محمود عباس على نحو غير مسبوق. وبعد أن تابعت الرقصات والأغنيات الثورية التي غناها تلفزيون فلسطين احتفالا بهذا الاحتفال فكان عرسا لمجموعة من الإخوة الذين كما يقول عنهم رشاد أبو شاور تعبوا من كثر مانادوا بعضهم أخا وأخت .و حتى نتمكن من فهم الأمور بشكل سليم، ولضرورات وضع الأمور في نصابها الصحيح ولكي أكون منهجيا أكثر، ساخد ما حصل فيما يزيد على 10 أيام في عدة محاور للنقاش أحاول الوقوف عندها بعض الوقت وحل رموزها.
المحور الأول :
وفي هذا المحور تحديدا سأكون في حوار مع السيد أبو اللطف الرجل النزيه الذي لم يتواطأ ولم ينطوي لمطالب الاحتلال والذي يحتل بين رفاقه في الدرب شعبية كبير ة وله قدرة على غير مسبوقة على الإقناع .
بكى السيد القدومي وتباكى لا يريد المؤتمر في الداخل بحجة انه في حضن الاحتلال وعلى مرأى عينيه وفي بطنه وساقه وربما شعره أيضا . مع العلم أن عباس جاهر مرارا بالضمانات الإسرائيلية التي تضمن سلامة الجميع (المعتدلين طبعا) ممن دخلوا. إذن فلماذا كل هذا الخوف غير المبرر ، الأمر الأهم والذي اعتقد أن القدومي يفهم طياته بشكل واضح وهو أن إصرار أبو مازن على عقده بالداخل كان حرصا منه على إقصاء معارضيه (المتطرفين المحافظين على ثوابت القضية) وإبعادهم عن ساحة النزال خوفا من أن يبدلوا واقع الحال إلى وضع غير المتفاهم عليه من قبل ، فيخرج عباس بمنظر غير لائق أمام ليبرمان ونتنياهو ،فتعلل باستبدالهم بآخرين مقبولين من الطرف الإسرائيلي ، وبحجة أن هؤلاء ستخطفهم إسرائيل غير انه يبدو لي أن من يعارض إسرائيل يعارض السيد الرئيس .
هنا أعود إلى القدومي واتسائل لم هذا الصمت من جديد الصمت الذي لم يتغير وعودت عليه ، ها أنت كعادتك يا سيدي فمن يدري لعل السنوات الخمس ( أطال الله في عمرك ) القادمة تظهر وثائق تسرب إليك من المركزية أو التنفيذية تظهر محضرا بين ليبرمان وعباس بالنصوص التي كانت يجب أن تقرأ من قبل الفتحاويين .
وأسأله أيضا إذا كنت ترفض شرعية هذا المؤتمر وأنت الرجل الكبير فلماذا سمحت لغنيم والزعنون بحضور المؤتمر أم أن المشاركة واجبة عليكم مهما كان الانشقاق والتنافر بين خطابكم في فتح. وهل كنت في تونس تربي مسارا جديدا لفتح التي غضبت عليها أم كنت ترابي رجالاتك التي أرسلتها إلى المؤتمر .
ما الذي فعلته للحركة يا سيدي وما الذي قدمته لها منذ أوسلو واعتزالك اللعبة إلى الآن ؟ وهل من ساكن تحرك على يدك ؟ أم هل من خطوة نفذت هنا أو هناك في إطار الحركة على الأقل بناء على توجيهات أو أوامر من قبلك أو من تونس عموما ؟
يا سيدي لو كنت على حق فلم لم تخرج بصوت عال ترفض ما هو قائم تردد عبارات وشعارات كغيرك بدون أفعال ، يا سيدي إن كنت نسيت من نحن فيجب إن نذكرك بأننا شعب يتطلع إلى الحرية الحقة أما أن تقف على الحياد وان تمارس الصمت فأنت هنا كغيرك لا حاجة لنا بك .
المحور الثاني:
وفيه أخاطب كل الكوادر الفتحاوية الشريفة في كل انحناء المعمورة ،واطرح تساؤلا مشروعا ماذا حقق لنا هذا المؤتمر وماذا نرجو منه والى ماذا رمى وما هو التغيير الحقيقي الذي سيحقق تطلعات جماهير الشعب الفلسطيني الذي يتطلع إلى حركتنا على أنها الثورة وأنها النصر ، فهل حققنا من خلال هذا المؤتمر مراجعات حقيقة على مستوى جاد في الكوادر ، ما الذي تغير على مستوى القيادات ومن هي العقليات الجديدة الشابة التي حاولوا إقناعنا بأن هذا المؤتمر سيتمخض عن خروجها إلى الساحة ، هل ستعود فتح إلى سابق عصرها الذي تغنى به القائد العام للحركة السيد عباس في حين أن القيادات ذاتها والأشخاص والأطماع لا زالت في أماكنها والانقسامات والانشقاقات هي نفسها إن لم تكن تزايدت وتراكمت بعد هذا المؤتمر ، هل سنخوض المعركة الحقيقية القاضية إلى احترام الشعب على الأقل ، هل سنحقق الوحدة الوطنية بين الفصائل ، هل سنعود بعد هذا المؤتمر إلى واقع حال جديد يرفض رمي الكرات في ساحة فلان وعلان .
المحور الثالث:
الانتخابات ، قمة الديمقراطية الفلسطينية(العباسية )، ديمقراطية حقيقية تضاهي ديمقراطية النرويج التي أثبتت ولمرات عده نزاهتها وتكريسها فقط لطموح الناخبين في حرية التعبير عن الرأي ونزولا عند رغبتهم في تحقيق التعددية، والدليل على ذلك الديمقراطية الحرة يوم انتخاب حماس على رأس السلطة ، واليوم عادت من جديد إفرازات التجربة الديمقراطية الفلسطينية لتحقيق هذه الاستحقاقات من هذه الانتخابات وهنا لن أقول أنها زورت أو تم التلاعب بها لأنني اعرف إن القارئ يعرف حقيقتها أكثر مني
الانتخابات فضح نتائجها أصحابها وأعضاء المؤتمر ذاتهم وتباينوا في آرائهم كثيرا وكما يقول المثل ( ماشافوهم وهم بيسرقوا ) ، وليبقى شاهدا على الجريمة التي تمت في بيت لحم شاء القدر أن ينقلب السحر على الساحر وان تتكشف عن هذه المراوغات أسماء كبيرة تعالت أصواتها تؤكد التزوير فالإطاحة ب "الحرس القديم" ،و أعضاء غزة الذين قالوا إنهم لم يصوتوا ، وعدم فوز عدد من قياديي الحركة في غزة بمقاعد في المركزية الجديدة للحركة موجة من التشكيك في نتائج الانتخابات .