Admin Admin
عدد المساهمات : 415 تاريخ التسجيل : 08/08/2009 العمر : 53
| موضوع: مادامت الخيول بخير فهمى هويدى الثلاثاء أغسطس 25, 2009 5:15 pm | |
| مادامت الخيول بخير
نقلاً عن موقع جريدة الشروق للكاتب فهمي هويدي
فى جلسة تطرق الحوار فيها إلى أحوال البلد، لم يقل أحد رأيا إلا وعبر فيه عن سخطه وعدم رضاه، وبعدما أدلى كل واحد بدلوه انبرى أحد الجالسين قائلا إن السؤال الذى يتعين الإجابة عليه بعد الذى قيل هو: هل هذا يضر بالخيل أم لا؟ ــ وإذ لاحظ أن العيون تطلعت إليه حائرة ومستاءة، فإنه لم ينتظر تعليقا من أحد، وروى الحكاية التالية: فى زمن المماليك، عاد أحدهم من رحلة طويلة، فأطلق خيوله ترعى فى الزراعات المحيطة بقصره، الأمر الذى أفسد الزراعات وأزعج الأهالى، فتحلقوا حول القصر وراحوا يتصايحون غاضبين ومحتجين، وحين وصلت صيحاتهم إلى مسامع المملوك الذى كان شركسيا لا يعرف العربية، فإنه سأل المحيطين به عن سبب غضب الأهالى، فحاولوا أن يشرحوا له الموضوع، إلا أنه لم يستوعب الكلام، وبعد جهد أوصلوا إليه جوهر الرسالة، وحينئذ اطرق الرجل لحظة، ثم ألقى على من حوله السؤال التالى: هل هذا الضجيج الذى يحدثونه يضر بالخيل؟ فردوا بصوت واحد مجيبين بالنفى، فما كان من المملوك إلا أن قال، دعوهم يصيحون إذن، ولا تشغلوا أنفسكم بالموضوع.
لأن جو الجلسة كما ذكرت، فإن عبرة القصة وصلتنا على الفور، إذ أراد صاحبنا أن يحسم الجدل الذى دار، قائلا إن كل كلام يقال لا جدوى منه، وسيظل من قبيل الثرثرة التى لن تقدم أو تؤخر، وسيقتصر أثرها على مجرد التنفيس عما فى الصدر، وطالما أن الخيول بخير، ترعى وتمرح كيفما شاءت ودون أن يصيبها أى أذى، فلن يتغير شىء فى الواقع الذى نضيق به ونشكو منه.
هذا التشخيص حوّل مجرى المناقشة بحيث أصبح موضوعها هو تحديد أوجه التطابق أو التشابه بين قصة المملوك الشركسى وبين الواقع الذى نعيشه، ولم يتطلب ذلك وقتا طويلا لأن الوقائع كانت واضحة كالشمس، ذلك أننا رصدنا عددا كبيرا من خيول السلطان التى ترتع فى البلد، مستبيحة مختلف مقومات الحياة فيه، من أموال البنوك إلى ثروة البلد العقارية إلى ثرواته الطبيعية وموارده الصناعية وحتى مستقبله السياسى. ولا أحد يحاسبهم ولا قانون يوقفهم، فى الوقت نفسه فإن غضب الناس وسخطهم لا حدود له، ولا تخطؤه عين فى أى موقع، صحيح أن الغضب مختزن ومكتوم، لكنه ظهر على السطح خلال السنتين الأخيرتين، فالصحف المستقلة المعارضة لم تكف عن نقد المظالم وفضحها طوال الوقت، ووجد هذا الغضب ترجمته فى الإضرابات والاعتصامات والتظاهرات، كما ترجمته الهبات المختلفة التى تجلت فى حركة كفاية وجماعة 6 أبريل، والومضات التى تمثلت فى ظهور تجمعات «مصريون ضد الفساد» وضد الغلاء، وضد بيع مصر.... إلخ.
ذلك كله لم يوصل رسالة الغضب والاحتجاج ولم يغير من الأمر شيئا، وإذا كان المملوك لم يتسلم الرسالة لأنه لا يجيد اللغة ثم إنه لم يكن مكترثا يرضى الناس أو سخطهم، فلا هم الذين أوصلوه إلى ما وصل إليه، كما إنه ليس بمقدورهم أن يخلعوه من موقعه، فإن الأمر لم يختلف كثيرا فى حالتنا. فأبواب السلطات موصدة ومحصنة ضد تلقى رسائل المجتمع، والحاشية حريصة على بقاء الوضع كما هو عليه، لأنهم مستفيدون، ومصالحهم ومصائرهم معلنة باستمرار، أما رضا الناس أو سخطهم فلا يغير من الأمر شيئا، لأن إرادتهم لا تزيد ولا تنقص، وهناك من يتولى التحكم فيها وتزييفها عند اللزوم.
قال أحد الجالسين، دعونا نكون عمليين، فلا نفكر فى الإضرار بالخيول أو إيذائها، وإنما علينا أن نحاول على الأقل أن نوقفها عند حدها، وهو ما أثار خلافا شديدا فى الرأى، بين قائل إننا ينبغى ألا نلوم الخيول إذا انطلقت، وإنما المشكلة فيمن اقتناها وأطلقها، وقائل إنه إذا كان الحل الأمثل بعيد المنال، فعلينا أن نفكر فى الحل الممكن، واعترض ثالث قائلا إن الإعلام المستقل فى مصر لم يتصرف فى فضح الخيول وملاحقة صور الفساد والإفساد حيثما وجدت، ومع ذلك فإن التنديد والصياح لم يسفرا عن شىء، لأنها استمرت وتمكنت وتوحشت، وتحول بعضها إلى ذئاب وغيلان ــ ولا تزال المناقشة مستمرة ــ ما رأيك؟.
اذا لم تستطع أن تنظر امامك لأن مستقبلك مظلم ولم تستطع أن تنظر خلفك لأن ماضيك مؤلم فانظر إلى الأعلى تجد ربك تجاهك إبتسم... فإن هناك من... يحبك... يعتنى بك... يحميك ...ينصرك... يسمعك ...يراك...انه ( الله) ما أخد منك إلا ليعطيك...وما ابكاك إلا ليضحكك...وما حرمك الا ليتفضل عليك...وما إبتلاك إلا لانه يحبك
لا تنسونا من صالح دعائكم
خوفي من الله يمارس رقابة شديدة علي ... أهدأ لحظات نفسي عندما لا أذنب | |
|